الإعلام و التواصل

حصاد 2023 : حرية الصحافة الأسوأ هذه السنة مقارنة مع الأعوام السابقة..

الرباط-ماروك يونيفرسال-تقارير نهاية السنة-إعداد أميمة محداد

على مشارف انتهاء سنة 2023، يصل عدد شهداء مهنة الصحافة 105 في مدة 85 يوما، على يد آلة الحرب الإسرائيلية، وهي حصيلة غير مسبوقة، خصوصا عندما نتحدث عن المدة التي لم تتجاوز بعد ثلاثة أشهر وفي رقعة جغرافية صغيرة متمثلة في قطاع غزة.


والمثير للدهشة أن الحصيلة المعلن عنها لعدد القتلى في صفوف الصحفيين عالميا كانت 45، حسب ما أورده التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود. وبالتالي، فإننا إذا قمنا بمقارنة هذا العدد المسجل على المستوى العالمي بما وصل إليه عدد الصحفيين الشهداء في قطاع غزة في هذه المدة اليسيرة، فيمكننا القول إننا فعلا أمام انتهاك صارخ لمهنة الصحافة، وإن حرب الاحتلال على غزة هي حرب كذلك على مهنة الصحافة، وحرب لطمس الحقيقة. والسؤال الذي يطرح نفسه، أين غابت عبارات التغني بخطابات الديمقراطية وضرورة ضمان حرية التعبير؟ وأين العالم من هذه الجرائم سواء بحق الإنسانية أو بحق صوت الحقيقة؟ أم أن حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان تبقى طليقة فقط في الأراضي الغربية ولا مكان لها في المستعمرات؟

أكدت الأرقام مع تعاقب السنوات أن حرية الصحافة في الحضيض، وذلك راجع لأجندات وأيديولوجيات لا ترى في نشر الحقيقة مصلحة لها ليصبح عنوان المشهد الإعلامي العالمي الكذب والتضليل.
على مشارف انتهاء عامنا الجاري، نطرح السؤال : هل مهنة الصحافة بخير؟
لطالما اعتبر العالم الدول الأوروبية والغربية عموما، مهدا لحريات التعبير والنموذج الإعلامي المثالي، إلى أن حلت عليها لعنة الحرب الإسرائيلية المجنونة على قطاع غزة، التي أظهرت جانبا كان مظلما في الإعلام الغربي، فقد تابعنا مشاهد تمثيلية لبعض المراسلين الذين يحاولون التسويق لرواية الاحتلال الإسرائيلي، وشاهدنا كيف كان من الصعب على المذيعين في الشاشات الغربية الإقرار بأن ما يحصل في الأراضي الفلسطينية هو جرائم احتلال. كل هذا وأكثر، يدل على أن لا حرية للتعبير في مهنة الصحافة ولا استقلالية تذكر.

ركزت التقارير الدولية دائما على وضع مهنة الصحافة في دول مثل روسيا والصين وكذلك الدول العربية ودول الشرق الأوسط خصوصا، في إظهار مدى انتهاك حرية الصحافة وكيف أن الأوضاع مزرية في هذه البلدان. وهذه دعاية حقيقية فعلا، لكنها في نفس الوقت دعاية تخدم المصالح الغربية، التي تضعها في مقدمة الدول المتحضرة، والديمقراطية كما يرون أنفسهم.
تأتي التصنيفات، والتي تقر بها منظمات غير حكومية مثل منظمة مراسلون بلا حدود، لكي تقر ما سلف ذكره، وهو ما يرسم أمامنا بعض الشكوك في مدى مصداقية هاته الأرقام والتصنيفات.

أظهر التصنيف السابق ترتيب دول العالم حسب مدى حرية الصحافة فيها. من أبرز التصنيفات، نجد فرنسا التي احتلت المرتبة 24 وألمانيا التي احتلت المرتبة 21، في الوقت الذي لازال القانون الفرنسي يجرم معاداة السامية مع الحظر الممنهج للبحث في تاريخ الهولوكوست في فرنسا. وهذا من شأنه أن يثير بعض الشكوك حول مدى مصداقية هاته التصنيفات، وهل يمكن الاستعانة بها لمعرفة واقع حرية الصحافة في العالم.

حرية الصحافة في عالمنا العربي؟
شهدت المنطقة العربية تحولات ضخمة، أبرزها الربيع العربي الذي شكل نقطة تحول سواء على مستوى وعي الشعوب، وكذلك على المستوى السياسي. ونظرا لكون الإعلام من أكثر المجالات تأثرا بهذا الأمر، فإن حرية الصحافة كذلك شهدت تحولا كبيرا. ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت بدورها مساحة تعبير جديدة، فإنها أضحت متنفسا للشعوب العربية للتعبير عما لا يمكن تداوله وما يتم التغاضي عنه في القنوات الرسمية.

حافظت دول منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط على مكانها في مؤخرة التصنيف، ليتم اعتبارها من بين المناطق الأكثر خطورة على سلامة الصحفيين خصوصا عندما نتحدث عن سوريا (175) واليمن (168) والعراق (167)، وفلسطين حاليا (156).

تعد مهنة الصحافة من بين أهم محددات مدى تقدم الدول، وبالنظر لوضع الصحافة في عالمنا اليوم، فإنه يمكن الجزم أن الصحافة ليست بخير، وحتى الدول التي تصف نفسها بالمتحضرة والمتقدمة، استطاعت أن تسكت صوت الحقيقة وتكمم الأفواه، واستطاعت كذلك أن تفقد مهنة الصحافة طبيعة رسالتها النبيلة التي أنشأت من أجلها.

إذن، فالمشهد الحالي لواقع الصحافة تصبح معه مجموعة من التساؤلات مشروعة، من قبيل : هل يمكن أن تتحول الصحافة عن أدوارها المعهودة إلى وسيلة ضغط يتلون استعمالها حسب الوقائع وحسب المعني بالأمر وحسب أهداف ومخططات استراتيجية لا يظهر أصحابها في الواجهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى