المغرب وتحديات النهوض بمجال الأمن السيبراني نحو مراتب أرقى..
الرباط -ماروك يونيفرسال-تقارير -إعداد أميمة محداد
تبرز أهمية الأمن السيبراني مع التطور المتسارع الذي تشهده التكنولوجيا عالميا، الشيء الذي يفرض على المغرب مثل باقي دول العالم التعبئة من أجل مسايرة هذا التطور، فالعصر الرقمي الذي نعايشه يستلزم منا امتلاك ثقافة معلوماتية تكون بمثابة البوصلة التي تجعلنا نمشي في كل الاتجاهات دون أن نتيه في عصر التيه وتوارد المعلومات من كل حدب وصوب.
كما تفرض وسائل التواصل الجديدة المرقمنة ضرورة الوعي الكبير بمدى أهمية الأمن السيبراني، خصوصا وأنه يتم التعامل معها من كل الفئات المجتمعية، كما يحتم على الشركات والعاملين فيها امتلاك الوعي بأهمية تقوية نظم الأمن السيبراني، من أجل تخطي الاختراقات التي تلعب بالبيانات المهمة والمعلومات الشخصية.
ماهي الخطوات التي نهجها المغرب في مجال الأمن السيبراني؟
عرف عالمنا الحديث، تغييرات جذرية في نظم المعلومات والاتصال، وهذا ما طرح لنا مشكلات ضخمة على نطاق حماية البيانات والمعلومات المهمة لدى الدول، في أعقاب هذا كله، وفقاً للمرسوم رقم 2.11.508 الصادر في 22 يناير 1432 (21 سبتمبر 2011) الذي أحدثت بموجبه اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات، وُضعت استراتيجية المغرب الرقمي لضمان حماية نظم معلومات الإدارات والمؤسسات العمومية والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
بدأت أولى الخطوات التي خطاها المغرب في هذا المجال، مع إطلاق استراتيجية المغرب الرقمي 2013، حيث هدفت بالأساس إلى جعل المغرب مركزا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات والاتصال المرقمن، وتمحورت حول مختلف المجالات مثل التحول الاجتماعي، والمرافق العمومية الموجهة نحو المستخدمين، الشيء الذي تبعه محاولات نحو رقمنة الإدارة العمومية، إلا أن هذا الأمر لازال في بداياته لحد الآن كون الإدارات بمختلف مجالاتها لازالت تعتمد على شكلها التقليدي الموروث أزلا، في منأى عما تقدمه التقنيات العنكبية الجديدة.
ومضى المغرب في هذا المسار، حيث صادق الملك محمد السادس في القصر الملكي بفاس يوم يومه الإثنين 28 يونيو 2021 على اتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن أمن الفضاء الإلكتروني وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي، ومكافحة الجريمة الإلكترونية، وجاءت الاتفاقية في إطار تعزيز الجهود التي يبدلها المغرب في مجال الأمن السيبراني إفريقيا، وهو ما يعزز مكانته ويكرس لاهتمامه بانسجام سياسته الديبلوماسية مع رقمنة العصر.
في نفس السياق كشف مؤشر خدمة “سرفشارك”، شركة الأمن السيبراني، أن المغرب يعد أفضل أمن رقمي بالقارة الإفريقية، وهو ما جعله في المركز الـ40 دوليا في ترتيب الدول الأكثر أمنا سيبرانيا، والخامس والسبعين ضمن ترتيب الدول من حيث “قيمة الحياة الرقمية”، بحيث يبدل المغرب كغيره من الدول الجهد الكبير من أجل مواكبة رقمنة عصره، ولكن مع الوثيرة المتسارعة للتطور التكنولوجي فإنه يلزمه تعبئة أكبر، خصوصا إذا ما قارناه مع غيره من الدول التي أصبحت رائدة في هذا المجال، والمغرب كذلك لديه هاته الفرصة بفضل الخبرات التي يتوفر عليها والطاقات الإبداعية لدى أبنائه من أجل النهوض به نحو مغرب رائد في مجال الرقمنة من خلال احتواء هاته الطاقات وفتح الباب لها من أجل المضي به للأمام في هذا المجال.
كما تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى تنظيم المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني يوما دراسيا يتعلق بتعزيز مهارات الأمن السيبراني الوطني بتاريخ 25 يناير الجاري ، حيث تستهدف الندوة المتخصصين في مجال الأمن السيبراني والفاعلين في هذا المجال.
مدى نجاعة الخطوات التي خطاها المغرب في مجال الأمن السيبراني؟
في هذا الصدد أشارت الأستاذة سلوى حريف، مديرة شركة ISSROAD مهندسة في الامن السيبراني، للمجهود الذي بدأ يقوم به المغرب في هذا المجال بوضع اللبنات الأساس لتفعيل الأمن السيبراني، وشرحت لماروك يونيفيغسال كيف يتم الاستفادة من خبرات الهاكر في تفعيل نظم الأمن السيبراني، خصوصا وأن الهاكرز المغربي يعد من الأوائل عالميا، حيث يتم الاعتماد عليهم في رصد الثغرات المحتملة من خلال خبرتهم الهجومية ومن تم العمل على سد هاته الثغرات من أجل الحصول على أنظمة أمنية سيبرانية قوية.
ويظهر جليا هنا مدى أهمية الإعتماد على الطاقات الذكية في مجال التكنولوجيا، وضرورة تبنيها وإحداث معاهد أكاديمية وشعب جامعية، وبرامج لاكتشاف واستقطاب المواهب الذكية في مجال الرقمنة، ومحاربة هجرة الأدمغة للإستفادة منها في النهوض بالوطن في مجال الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة.
وفي مقابلة أجريناها مع الأستاذ جسور جمال، رئيس منتدى الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، أشار للقوانين المؤطرة لمجال الأمن السيبراني، القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون رقم 20-05 المتعلق بالأمن السيبراني والذي يهدف إلى وضع مجموعة من القواعد والتدابير الأمنية الرامية إلى تعزيز أمن وصمود نظم معلومات إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية وكل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام وكذا البنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية التي تتوفر على نظم معلومات حساسة.
وأكد الأستاذ جمال على أن هاته القوانين تحتم على المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة ذات الحساسية القصوى مثل، البنوك وشركات الإتصال وطرق السيار وغيرها من المؤسسات التي يكون عليها لزاما اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لتفادي أي اختراق رقمي يعيق مجالها الحيوي والذي تعتمد عليه الدولة.
وتجدر الإشارة، الى الحاجة لهاته القوانين المؤطرة لمجال الأمن السيبراني خصوصا والاتصال الجماهيري الرقمي عموما، في هذا الصددد أشار الأستاذ جمال لتوافر استخدام الحواسيب عند المغاربة كغيرهم من شعوب العالم، لكن أكد على عدم وعي الفرد بأهمية تحصين جهازه من الفيروسات والاختراقات، وهنا تبرز مدى أهمية الوعي بنظم الأمن السيبراني.
كما ألقت الأستاذة سلوى الضوء على الكيفية التي يتم العمل بها في مراقبة الشركات التي تتعاطى مع الرقمنة ومدى تفعيلها لنظم الأمن السيبراني. حيث أشارت لتفعيل عقوبات القانون 05.20 في حالة عدم احترام القانون المتمثلة في إعذار المسؤولين عن تقديم الخدمة التي وقع بها الخلل، إذ تقوم اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني بمراقبة دورية من أجل التأكد من مدى نجاعة برامج الأمن السيبراني خصوصا عندما نتحدث عن المؤسسات ذات الأهمية والحساسية القصوى.
اقتراحات عملية لمغرب بأمن سيبراني أقوى
نشر الوعي بأهمية الثقافة المعلوماتية: أكد كل من الأستاذة سلوى والأستاذ جمال وهم أهل الاختصاص، على ضرورة التعامل الجدي مع حساسية الإختراقات الإلكترونية، ومدى حاجة المغرب لبدل كل الجهود من أجل تعميم الثقافة المعلوماتية سواء بالنسبة للمواطن العادي أو الموظفين والعاملين في المجالات ذات الحساسية.
توفير أرضية رقمية، من خلال إقحام الرقمنة في كل مناحي الحياة وجعلها ضرورة قصوى لمواكبة عصرنا المرقمن، كون أنه لا يمكننا الحديث عن أمن سيبراني في غياب تفعيل الرقمنة، وهذا ما شددت عليه الأستاذة سلوى بضرورة العمل على إنماء الرقمنة بالمغرب في نفس الوقت الذي نعمل فيه على إنماء الأمن السيبراني.
استحداث برامج وطنية لاستقطاب الأدمغة الذكية في مجال التكنولوجيات الحديثة، وتبنيها من خلال إعطاءها المحيط الرقمي لتحفيز حس البحث والابداع، لابتكار وخلق نظم رقمية يكتسيها الطابع المحلي الصنع، كي نستطيع الوصول لدرجة توفير أمننا السيبراني بأنفسنا.