اقتصاد

الوضعية الاقتصادية للمغرب خلال سنة 2023 : سياق دولي صعب و اقتصاد وطني متماسك

الدار البيضاء-تقارير -ماروك يونيفرسال -القسم الإقتصادي -متابعة

في الوقت الذي لم يتم فيه التعافي المطلق من الاثار الناجمة عن أزمة كوفيد19، انضافت تبعات الصراع الروسي الأوكراني والجفاف للسنة الثانية على التوالي لتأثر سلبا على آفاق نمو الاقتصاد الوطني.

في ذات السياق الدولي، توقع البنك الدولي في وقت سابق  أن يتسارع النمو الاقتصادي في المغرب إلى 3.1 بالمئة في أعقاب هذه السنة، وذلك بفضل انتعاش القطاع الرئيسي؛ غير أنه في المقابل تصطدم هذه النسب بمخاطر التطورات السلبية القائمة بسبب التوترات الجيوسياسية، ومنها الحرب على أوكرانيا، وتباطؤ أنشطة الشركاء التجاريين الرئيسيين للمغرب في منطقة اليورو وبالتالي ارتفاع مخاطر الركود، والصدمات المناخية المحتملة الجديدة.

وبشكل أدق فإن قدرة المغرب على الصمود الخارجي تتضح جليا أيضًا، في الطلب الخارجي القوي على سلع وخدمات البلاد، وذلك على الرغم من التباطؤ الاقتصادي على المستوى العالمي. وبالمثل، لا تزال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قوية وموجهة بشكل متزايد نحو قطاع التصنيع. وقد ظهرت مجالات صناعية عديدة وحديثة، مرتبطة بشكل جيد بسلاسل القيمة العالمية، وحافظ بذلك المغرب على إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، وذلك على الرغم من التشديد المستمر للأوضاع المالية العالمية.

أما على الصعيد الداخلي؛ فكان نتاج هذه التغيرات الاقتصادية الدولية وضع المغرب تحت رهانالوقوف أماممواجهة الضغوطات التضخمية؛ وذلك عبراتخاذ مجموعة من التدابير الظرفية للتحكم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوفاء بالالتزامات الحكومية من جهة، ومن جهة ثانية الذهاب نحو تنزيل الإصلاحات الضرورية على المستوى الاجتماعي، وتعبئة الموارد المائية وتحفيز الاستثمارات.

من زاوية ثانيةفقد بصم سوق الشغل بالمغرب منذ مستهل سنة 2023 على بداية متعثرة، وفق البيانات والمؤشرات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، التي أفادت بـ”ارتفاع حجم العاطلين بـ83 ألف شخص ما بين الفصل الأول من سنة 2022 والفصل نفسه من سنة 2023″. أمام تسجيل عجز موازناتي بلغ في متم سنة 2023 ما يناهز  4,5 في المئة من الناتج الداخلي الخام؛ أخذا بعين الاعتبار للتكلفة المالية للتدابير المتخذة للتخفيف من آثار الضغوط التضخمية والجفاف، من جهة، والإجراءات المتخذة عقب زلزال الحوز من جهة أخرى.

ارتباطا بذلك فقد أبان المغرب عن قدرته القوية على الاستجابة بفعالية للصدمات؛ ويعد زلزال 8 شتنبر في الحوز، هو الأخير في سلسلة من الصدمات التي ضربت المغرب منذ جائحة كوفيد-19. والذي تمكن فيها من إدارة الاستجابة الإنسانية للزلزال بنجاح، ووضع خطة تنمية طموحة لإطلاق إمكانات التنمية في الأقاليم الأكثر تضررا وتجاوز مخلفاته البشرية والمادية المدمرة تنزيلا للتعليمات الملكية السامية.

حيث أن جلالة الملك أعطى تعليماته السامية حتى يصبح برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية الترابية المندمجة والمتوازنة، عبر إصلاح البنيات التحتية المتضررة، خاصة الطرق والمدارس، وغيرها من المنشآت التي تقدم خدمات اجتماعية للمواطنين، وذلك من أجل إعادة الإعمار والبناء وتقوية مختلف البنيات التحتية والدفع بالمناخ الاقتصادي لهذه المناطق بالإضافة إلى الدعم المادي المباشر للأسر المتضررة إيمانا منه بأهمية العنصر البشري داخل هذه المنظومة.

في مقابل هذه التحديات راكم المغرب خلال نفس السنة إنجازات كبرى همت الشق الاقتصادي على المستويين الخارجي والداخلي؛ إذ استطاع الخروج من اللائحة الرماديةلمجموعة العمل المالي ( (GAFI، كما وقع على خروج مميز في السوق المالي الدولي ترجمته استفادته من خط الائتمان المرن لصندوق النقد الدولي ( (FCLوهو ما صاحب معه سحب المفوضية الأوروبية المغرب من اللائحة الرمادية للاتحاد الأوروبي.

ما داخليا؛ فقد عرفت هذه السنة اتجاه المغرب نحو خيارات استراتيجية كبرى  تنزيلا للرؤية الملكية السامية. كان لها الانعكاس المباشر على اشعاع المغرب وارتفاع ترتيبه داخل التقارير الدولية التي تهتم بالمستوى المعيشي للمواطن داخل الدولة؛ كاعتماد السجل الاجتماعي الموحد باعتباره نظام معلوماتي وطني يخول التنزيل الميسر لبرامج الدعم الاجتماعي المباشر والذي سيستفيد منه ما يتجاوز مليون أسرة مغربية،عبر تحديد أهلية و أحقية الأسر وفق معايير اجتماعية و اقتصادية.

إلى جانب ذلك تم اعتماد مشروع الدعم على السكن عبر تسخير إعانات مالية مباشرة ممنوحة للراغبين في اقتناء سكن رئيسي، من المغاربة سواء في الداخل والخارج على حد سواء، ومن هنا لا يمكن إغفال أيضا الدور الكبير الذي لعبته تحويلات مغاربة العالم والتي عرفت ارتفاعا كبيرا ساهم في دعم الاقتصاد الوطني .

وأخيرا؛ فإنه وبالرغم من استمرار السياق الصعب والتقلبات الدولية، يحافظ الاقتصاد الوطني على صموده ومكانته الاستراتيجية بفضل السياسات المتبعة، مما يعزز ثقة المجتمع المالي الدولي الأمر الذي يعتبر عاملا أساسيا في تعبئة التمويلات بتكلفة منخفضة وفي استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والحفاظ على الشركاء الاقتصاديين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى