الرئيسيةملفات و حوارات

حصاد 2023 : التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب تبصم على الريادة عبر استراتيجية استباقية ومنظومة أمنية متطورة..

الرباط -تقارير الحصيلة السنوية-هيئة التحرير -ماروك يونيفرسال-متابعة

تبنى المغرب بقيادة ملكية سامية بعد الأحداث الإرهابية التي عرفها سنة 2003 مقاربة شمولية فعالة وناجعة تتغيى مواجهة الخطر الإرهابي المتغير، وتصبو إلى تنويع خياراته، بما فيها خيار التدبير الاستراتيجي كحل ناجع وفعال لمواجهة الظاهرة الإرهابية من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة الإرهاب، والاستراتيجية الوطنية للوقاية من التطرف.

هذه المقاربة اثمرت نموذجا وتراكما هاما مكن المغرب للمرة الثالثة على التوالي من الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي للإرهاب إلى جانب كندا وهولندا في الولايتين السابقتين؛ فضلا عن المساهمة المشهودة والنشطة له في التحالف الدولي ضد داعش.

ارتباطا بذلك فإن تكريس المغرب لاسمه كفاعل دولي ملتزم بمكافحة الارهاب والتطرف العنيف وكأحد الشركاء الاساسيين في المبادرات الدولية للتصدي للإرهاب لم يكن وليد الصدفة بل يرتكز على استراتيجية متكاملة؛ وهو ما تؤكده كرونولوجيا تفكيك المشاريع الارهابية والتي سجلت إحباط المصالح الأمنية المغربية منذ عام 2002، 500 مشروع إرهابي كان يستهدف المملكة، وفككت 215 خلية إرهابية، بالإضافة إلى أنه خلال عام 2023، تم تفكيك 06 خلايا إرهابية واعتقال 25 شخصًا.حيث ترسم واقعا محاطا بسلسلة تحديات ليست ظرفية في مقابل استراتيجية مغربية تعتمد بصيرة الإدارة الأمنية حققت الكثير من النتائج التي جنبت المصالح الحيوية للبلاد و الافراد اضرارا كانت وشيكة الوقوع.

وعلى الصعيد الدولي، اضطلعت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بدور أساسي في تحديد مكان منفذي هجمات مدريد، التي خلفت 162 قتيلا كما ساهمت أجهزة الاستخبارات المغربية في تفكيك شبكة إجرامية في بلجيكا، في أعقاب تفكيك شبكة بلعيرج الدولية في دجنبر 2008، من قبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهي نفس المساهمة التي مكنت في إطار عملية استمرت عدة أشهر ،من رصد المغربي علي ميشو الملقب بـ “أبو عبد الرحمن المغربي” ، الذي يعتبر الرجل الثاني في “جماعة نصرة الاسلام والمسلمين”، فرع تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل ، وتم تحييده من قبل القوات الفرنسية المنتشرة في مالي مطلع أكتوبر 2019.

التعاون الأمني والإستخباراتي بين المغرب وإسبانيا
التعاون الأمني والإستخباراتي بين المغرب وإسبانيا

بالإضافة إلى ذلك، مكنت معلومات وفرها المغرب للمحققين الفرنسيين من تتبع مسار عبد الحميد أباعود ، الذي قاد الهجمات الإرهابية في 13 نونبر 2015 في باريس، والتي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية. هي حالات على سبيل المثال وليس الحصر شكل فيها المغرب المورد الأساس للمعلومة الأمنية التي مكنت من تجنب كوارث إرهابية في دول شريكة.

إن تكريس المغرب لاسمه كفاعل دولي ملتزم بمكافحة الارهاب والتطرف العنيف وكأحد الشركاء الأساسيين في المبادرات الدولية للتصدي للإرهاب يرتكز على استراتيجية متكاملة تقوم على عدد من التدابير الامنية التي ترتكز على المقاربة الاستباقية و الجاهزية واليقظة و المقاربة القضائية بدل المقاربة التصفوية.

المغرب يحضى بشرف تنظيم الدورة الثالثة والتسعين للأنتربول

إضافة إلى التعاون الاقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب وتهديداته بحيث تقوم المؤسسات المختصة بعمل استخباراتي وامني وتنظيمي يومي من اجل حماية السيادة و الامن والاستقرار و الانسان والممتلكات من التهديدات الارهابية كما انها تضع تجربتها في اطار التعاون الدولي لدعم جهود شركاء المغرب وهنا يمكن ان نستحضر مساهمة المغرب في تفكيك واحباط خلايا ارهابية خارج البلاد بتعاون مع مؤسسات امنية بالبلدان الشريكة او مع الأنتربول و الأوروبول وكذلك في اطار التزامات المغرب المؤطرة بموجب اتفاقيةَ بودابست. مع التصدي للمحتويات المتطرفة في الفضاء السيبراني و المجتمع الافتراضي ودعم مبادرات الاستقرار في العالم.


ان المملكة المغربية كفاعل وشريك اساسي في مكافحة الارهاب لا يعتمد على التدابير الامنية فقط بل يقوم كذلك بتطوير مستمر لمنظومة يقظة تعمل على توقع المخاطر و التهديدات وعلى هذا الأساس وقع المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب في مستهل اكتوبر 2020 اتفاقية مقر مكتب مكافحة الإرهاب في أفريقيا في العاصمة الرباط.

حموشي يستقبل المدير العام للأمن الداخلي للجمهورية الفرنسية

هذا التوقيع يمثل دليلا على ثقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب، فضلا عن تقدير انخراط المملكة المغربية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.

هذه الثقة أيضا تظهر في اشادة الولايات المتحدة الأمريكية بالمستوى الامني والاستخبارات المغربي إلى جانب دول أخرى مثل ألمانيا واسبانيا والبرتغال والتي تعتبر المغرب شريكا قويا على هذا المستوى مكنها التعاون معه من تجنب هجمات ارهابية كبرى واعتقال متطرفين كثر بناء على معلومات استخباراتية مغربية.
ويسجل أيضا؛ أن المغرب لم يقف عند المقاربة الأمنية فقط بل تعداها وذهب نحو نهج سياسة جنائية وطنية لمكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف تعكس الجهود المبذولة على مستوى كافة السياسات العمومية، وفق مقاربة تشاركية تكاملية تحدد معالم وكيفيات التصدي لهذه الظاهرة، من خلال تعزيز منظومته التشريعية بقوانين وقائية تخول له تحصين كيانه من نوازع التطرف والعنف.

المكتب المركزي للأبحاث القضائية وعنصرية أمنيين من فرقة خاصة تابعة ل BCIJ

ونشير في هذا السياق، إلى أن المملكة اتخذت جملة من التدابير القانونية والمؤسساتية، وبرامج إعادة التأهيل لفائدة المحكومين في قضايا الإرهاب والتطرف، تتمثل، على الخصوص، في اعتماد القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب وتمويله، والقانون رقم 86.14 الخاص بمكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بالإضافة إلى إنشاء وتخصيص العديد من الأجهزة الإدارية والقضائية والأمنية والمالية الهادفة إلى ضمان الفعالية والنجاعة اللازمتين لمواجهة الإرهاب والتطرف.

استقبال عبد اللطيف حموشي للمدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية

من جهة أخرى، فقد تضمن التشريع الجنائي المغربي آليات تحفيزية هامة لفائدة المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب من قبيل آليتي العفو والإفراج المقيد بشروط، والتي تم تعزيزها ببرامج إعادة تأهيل هذه الفئة، أبرزها برنامج “مصالحة”.

ولأن الأمن يعد ممارسة شاملة ذات أبعاد متعددة؛ كما أن المقاربة الأمنية لا يمكن أن تنجح وحدها في مواجهة الجريمة، بل يجب أن تندمج و مقاربات أخرى تشمل معالجة الظروف المؤدية إلى الإجرام والتركيز على التنشئة الاجتماعية والدينية الصحيحة وتكريس التربية السليمة وضمان المستوى الثقافي والوعي الذي يحول دون ارتكاب الجريمة.

بناء عليه فقد استجاب نموذج الدفاع المغربي ضد هذه الظاهرة عبر استراتيجية متكاملة ومتعددة الأبعاد، لا ترتكز على الجانب الأمني ​​فحسب، بل شملت أيضا جوانب مختلفة، أبرزها ما هو وقائي وقانوني واجتماعي واقتصادي بالإضافة إلى التعاون الدولي.هذا الشق الوقائي والشامل ارتكز أساسا على الهوية الدينية المعتدلة والمسالمة للمغرب، وعلى تعزيز قيم السلام والتعايش وقبول الآخر.

في هذا الإطار برزت مركزية الدور الذي يضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس عبر مؤسسة إمارة المؤمنين وهي مؤسسة تعطي للأمة مناعة ضد الفكر الإرهابي في الوقاية من توظيف الدين لأغراض غير مشروعة وفي ضمان ممارسة الشعائر الدينية على أساس الوسطية والاعتدال.

وبالتالي فإن المؤسسة الملكية تعد المحرك المفصلي و الضامن الفعلي والوحيد للأمن الروحي والديني عبر سهرها على إرساء مبادئ الإسلام السني، من خلال ترؤس جلالته للمجلس العلمي الأعلى، وهي المؤسسة الوحيدة التي يرجع إليها أمر إصدار الفتاوى؛ إلى جانب مجهودات الدبلوماسية الدينية التي انتهجها المغرب والموجهة بالأساس لدول الجوار التي يتهددها التطرف الديني.


ونسجل في هذا الصدد، إلى مساهمة المغرب في إعداد برامج التكوين ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف عبر بثها على قنوات تلفزية وإذاعية من طرف الأئمة والخطباء والوعاظ، بالشكل الذي يسهل على المتلقي فهم معاني وأسرار الدين الإسلامي الصحيح دون تطرف، بالإضافة إلى كل من المؤسسات القائمة بأوامر ملكية ونذكر في هذا الصدد كل من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومؤسسة محمد السادس لتكوين الأئمة.
أخيرا؛ يمكن استخلاص أنه في قلب كل عملية احباط لمشاريع ارهابية تحقق الاستراتيجية المغربية نجاحا في تعزيز الشعور الجماعي بالأمن مع العلم أن هذه الاستجابة الأمنية السريعة تتطور باستمرار عبر دعمها بشكل دائم بأنجع التدابير و المقاربات.

ذلك إن التنبؤ واليقظة المستمرة والحوكمة الأمنية الجيدة هي كلمات المفتاح في النهج الأمني المغربي في مكافحة الإرهاب وتجفيف بؤر التطرف، وفقًا للتوجيهات الملكية بشكل وضع المغرب في ريادة هذا المجال وجعل منه الشريك الأمني المنشود من طرف المنتظم الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى