Site icon Marocuniversel – جريدة وطنية شاملة ومتجددة

حكامة المغرب في مواجهة الهجرة تبصم على مسار من الاستباقية وتجنب الدول الأوروبية طوفان من المهاجرين غير الشرعيين..

أعداد من المرشحين للهجرة غير النظامية

أعداد من المرشحين للهجرة غير النظامية(وكالات )

ترتكز حكامة الهجرة في المغرب على مقاربة شاملة ومتعدد الأبعاد تهدف، من خلال تأكيدها على احترام حقوق المهاجر وكرامته، إلى أن تكون فعالة واستباقية في مكافحة شبكات المافيا والاتجار بالبشر.


هذه الحكامة هي نتاج تبني المملكة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس لاستراتيجية رائدة في مجال سياسة الهجرة بصمت على مسار من الاستباقية في الدفاع عن حقوق المهاجرين.


ونسجل في هذا الإطار، قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، بتوجيهات من جلالة الملك بتقييم سياسة الهجرة في المملكة ، وتكييف قوانين الهجرة واللجوء مع المعايير الدولية ووضع سياسة تحمي حقوق المهاجرين واللاجئين.
الى جانب ذلك لا يمكن إغفال أن المغرب ، بقيادة جلالته الذي تم تعيينه ملكا رائدا للاتحاد الأفريقي بشأن قضية الهجرة ، يستضف مقر المرصد الأفريقي للهجرة، وهو ما يعكس ريادته ويمثل أيضا خطوة نحو تحقيق هدف تمكين أفريقيا من تولي زمام قضية الهجرة الأفريقية.


بناء عليه، يعتبر المرصد في هذا السياق مؤسسة رائدة في أفريقيا والداعم الرئيسي للأجندة الأفريقية للهجرة، التى قدمت في يناير 2007 كما أن المرصد مسؤول على وجه الخصوص، عن تزويد القارة بمصدر مركزي وموحد لبيانات الهجرة وتحسين معرفة إفريقيا بالهجرة والتنقل باختصار .


في ذات السياق فإن المغرب قد استضاف في عام 2021 الاجتماع الحكومي الدولي الأول للمراجعة الإقليمية للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية ، مما أتاح تقييم تنفيذ الميثاق في إفريقيا ووضع الأسس لمنتدى مراجعة الهجرة الدولية 2022. وهي مبادرات تلهم مقاربات جديدة لمواجهة تحديات مماثلة وتضع المغرب مركز إشعاع في هذا السياق.


إن تجربة المغرب في شؤون الهجرة، والتي قرر المغرب بشكل سيادي بقيادة ملكه بشأنها تبني سياسة هجرة جديدة ، تقوم على نهج إنساني ، منسجم وشامل ، يتضمن تدابير في مجالات رئيسية مثل التعليم والصحة والإسكان والمساعدة الاجتماعية . وإدارة تدفقات الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر ، وفق ا للأهداف المنصوص عليها في الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، الموقع في مراكش في دجنبر 2018.


أفرزت حصيلة كبيرة في محاربة هذه الظاهرة، حيث تشير معطيات رسمية إلى أن الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، أسفرت عن إجهاض أزيد من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ سنة 2017 ، ومنذ سنة 2018 استفاد أزيد من 8100 مواطن إفريقي من عمليات العودة الطوعية التي تنظمها وتمولها وزارة الداخلية سواء عن طريق البر أو الجو. فضلا عن إعادة 2400 شخص سنة 2021 وأزيد من 1100 شخص سنة 2020، وذلك في إطار برنامج العودة الطوعية.


كما يسجل أيضا إنقاذ البحرية الملكية المغربية ما يقرب من 15 ألف شخص في البحر في سنة 2021 و2384 شخصا في 2022. وتفكيك 1300 شبكة خلال السنوات الخمس الأخيرة فقط ، بالإضافة إلى توقيف 32 ألف و733 مرشحا للهجرة غير الشرعية، من بينهم 28 ألف و146 من جنسيات أجنبية مختلفة.


وأفضت الجهود أيضا إلى تفكيك 92 شبكة إجرامية، وتوقيف 566 منظما ووسيطا، بنسبة زيادة فاقت 36 بالمائة مقارنة مع سنة 2021 ، التي عرفت توقيف 415 منظما للهجرة السرية، فيما بلغت وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة خلال محاولات الهجرة غير النظامية 832 وثيقة، فضلا عن حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة.


وكتجربة فريدة سجل المغرب تسوية أوضاع حوالي 50 ألف مهاجر بفضل العملية الاستثنائية لتسوية أوضاع المهاجرين في المغرب ، التي أجريت في عامي 2014 و 2017.


جدير بالذكر أن المغرب أيضا يضم مقر المنظمة الدولية للهجرة منذ عام 2007، بعد دخول اتفاقية المقر بين المملكة المغربية والمنظمة حيز التنفيذ في يوليو 2006، وتتعاون المنظمة الدولية للهجرة في المغرب مع الحكومة المغربية على المستويين الوطني والإقليمي، من خلال دمجها للهجرة في الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية والقطاعية والمساعدة على تنفيذها. كما تعمل البعثة بشكل وثيق مع السلطات الحكومية المغربية والشركاء الحكوميين الدوليين ووكالات الأمم المتحدة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والجمعيات المحلية لمعالجة قضايا الهجرة، وتطوير مشاريع فعالة وناجحة على الصعيد الوطني.


لقد تعامل المغرب مع هذه الظاهرة بالدراسة المعمقة إذ خلص باكرا إلى كونها ظاهرة عابرة للحدود مع مسؤوليات على ثلاثة مستويات وطنية وإقليمية ودولية ، وهو ما ترجمه دستور و2011 الذي تضمن خمسة بنود مخصصة للقضايا المتعلقة بتدبير إقامة الأجانب وعدم التمييز والمساواة في الحقوق.


ووفقا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اكتست الهجرة أولوية ضمن المواضيع الخاصة بسياسة الدولة وهو ما دفع المغرب اعتبارا من 2013 ، التوجه نحو تسوية أوضاع آلاف المهاجرين ، وضمان حصولهم على الخدمات العمومية مثل التعليم والصحة والضمان الاجتماعي.


كما أن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء أحدثت إطارا مؤسساتيا مناسبا يتوافق مع احترام حقوق الإنسان ، مع التركيز على أربعة أهداف استراتيجية الإدماج المسؤول، والتنظيم ، ومؤسسة تدفقات الهجرة، بحسب السفير المغربي الذي أكد أن هذه الرؤية تعتبر الهجرة فرصة لمواجهة التحديات في مجالات مثل الاندماج والسياسة الخارجية والحكامة والاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك ، فهي تحدد 27 هدفا محددا يتمحور أساسا حول تعزيز الحقوق والتعاون الدولي وتحسين التنظيم والتنسيق في مجال الهجرة واللجوء.


ومع مطلع السنة الجديدة تلقى المغرب إشادات واسعة كانت بمثابة حصيلة للعمل المتواصل في هذا الشق، بحيث قالت تقارير إعلامية فرنسية وإسبانية، إن القوات المغربية نجحت في التصدي لتدفقات المئات من المهاجرين غير النظاميين بالبحر الأبيض المتوسط، كانوا ينوون الوصول إلى الضفة الجنوبية الأوروبية خلال ليلة رأس السنة الميلادية 2024 عبر محاولات متفرقة بين الناظور والفنيدق بشمال المغرب.


كما نقلت الصحافة الأوروبية أن السلطات المغربية قامت بعمليات نوعية أسفرت عن منع أكثر من ألف مهاجر سري من الهجرة غير الشرعية إلى إسبانيا بالخصوص، مما جنب الأخيرة مشكلة جديدة في الهجرة، ولاسيما أن العديد من الدول الأوروبية تواجه العديد من الصعوبات والمشاكل في هذه القضية.


هذا ويأتي تصدي المغرب لتدفقات المهاجرين السريين الذين كانوا يستهدفون السواحل الجنوبية الإسبانية، في وقت تشهد فيه العلاقات بين مدريد الرباط، تقدما إيجابيا كبيرا على مختلف الأصعدة، ويشمل ذلك التعاون في مجال مكافحة الهجرة السرية.


جدير بالذكر أن إسبانيا كانت قد أشادت في الشهور الماضية بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المغرب للتصدي للهجرة السرية، مبرزة أن المغرب يواجه على صعيدين هذه القضية، سواء على مستوى منع تدفقات المهاجرين على ترابه الوطني، أو على صعيد الهجرة من أراضيه إلى سواحل أوروبا.


وارتباطا بذلك كشفت وزارة الداخلية الإسبانية، أن تدفقات المهاجرين السريين على ترابها من المغرب في أغلب شهور العام الماضي، سجلت تراجعا إلى حوال النصف، مما يشير إلى بذل المغرب لمجهودات كبيرة لمنع وصول المهاجرين غير النظاميين إلى إسبانيا.


إن الدول الاوروبية، وعلى رأسها إسبانيا، تعول على المغرب وبلدان أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط، من أجل مكافحة ظاهرة الهجرة السرية، وقد تم الاتفاق منذ العام الماضي، على الرفع من التعاون ليصل إلى استهداف الشبكات الإجرامية التي تنشط في تهريب البشر ونقل المهاجرين إلى نقاط الانطلاق مثل المغرب.


ذلك أنه في خلاصة القول يمكن الجزم بأن مكافحة الهجرة السرية تصنف ضمن قضايا أمنية واقتصادية هامة للمغرب، وقد قامت المملكة بجهود ملموسة للتصدي لهذه التحديات عبر تعزيز التعاون الدولي، حيث قام المغرب بتعزيز التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي لمواجهة جذور الهجرة غير الشرعية، وشرع في تعزيز التنسيق وتبادل المعلومات للقضاء على شبكات الهجرة غير الشرعية، ذلك أن الاستراتيجية المغربية تعد رائدة في مجال سياسة الهجرة لما لها من استباقية في الدفاع عن حقوق المهاجرين. بتوجيهات من جلالة الملك عبر تقييم سياسة الهجرة في المملكة ، وتكييف قوانين الهجرة واللجوء مع المعايير الدولية ووضع سياسة تحمي حقوق المهاجرين واللاجئين.

Exit mobile version