تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك شبكة إرهابية موالية لتنظيم “داعش “، وهذا في عملية أمنية مشتركة مع المفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية ونظيرتها الجزائرية والموريتانية، وبتنسيق مع المكتب الفيدرالي الأمريكي FBI، وبتعاون استخباراتي دولي.
هذه الشبكة تبين تلقي تمويلها من داعش عن طريق نقل مبالغ كبيرة من الأموال عبر الشحنات الدولية والعملات المشفرة، قصد القيام بتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف أوروبا.
خيوط هاته العملية بدأت في 2021، عندما أطلقت مفوضية المعلومات العامة للشرطة الوطنية الإسبانية ماعرف بعملية “ميا “، والتي تصدرت المشهد الإعلامي في الجارة الشمالية، ساعات فقط، بعد الكشف عن تفاصيلها. فقد قاد عملاء الشرطة الوطنية عملية لمكافحة الإرهاب، تم على إثرها اعتقال خمسة أشخاص في إسبانيا في مقاطعات فالنسيا، كاسيريس، أليكانتي، وغيبوزكوا متهمون بالانتماء والتعاون مع التنظيم الإرهابي داعش من أجل التخطيط والقيام بعمليات إرهابية على المستوى الأوروبي، وتم خلاله، في الوقت الذي حبس أربعة منهم بأمر من المحكمة.
وكان من حسنات العملية المذكورة، أن منعت حدوث حمام دم في القارة العجوز ، وبتنسيق تعاون أمني للمفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية، مع أجهزة المخابرات والأمن شملت اثني عشر بلدا، في مقدمتهم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، والمديرية العامة للأمن الداخلي الجزائرية (DGSI)، والمديرية العامة للأمن الوطني الموريتانية (DGSN)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، والفيدبول السويسري، واليوروبول. هذا، وحظيت CGI الإسبانية بالتعاون مع ألوية المعلومات الإقليمية في فالنسيا وأليكانتي وكاسيريس وسان سيباستيان، إضافة إلى مركز الاستخبارات الوطني (CNI). أما التحقيق، فقد تم تنسيقه من لدن المحكمة المركزية للتعليم رقم 6 ومكتب المدعي العام في المحكمة الوطنية.
وقد تبين، بعد مرور سنة ونصف قادته الاستخبارات الإسبانية رفقة نظرائها، أن شخصا مقيما في إسبانيا، وهو من أصل مغاربي، له اتصال مع جهادي دخل إلى أوروبا عبر مايسمى بطريق البلقان، كان يبحث عن الوصول إلى فرنسا بغية تنفيذ هجوم لصالح تنظيم داعش، وتلقى هذا الراديكالي عرضا بالتعاون معه من طرف الشخص قيد التحقيق في إسبانيا. وبعد ذلك، يقود تحقيق مكثف في سويسرا من طرف المتخصصين في مكافحة الإرهاب الجهادي التابع لCGI، إلى العثور على الرجل الذي كان على نية تنفيذ الهجوم في فرنسا، ليتم نقل المعلومات، على الفور، إلى زملائهم في FEDPOL السويسرية.
وفي وقت قياسي، ولحجم الخطر الذي يمثله التخطيط لهذا الهجوم، فقد تم تنظيم عملية مشتركة في سويسرا وإسبانيا نتج عنها اعتقال كلا المتطرفين في مارس 2022، ليتم أيضا، في المرحلة الأولى من العملية، اعتقال ستة آخرين في أوروبا ودول المغرب الكبير، وبالتالي يبلغ عدد المعتقلين ثمانية. وقد حكم على المعتقل الأول المتواجد في إسبانيا بمقتضى جرائم الإرهاب بمدة عامين من السجن، وأطلق سراحه منتصف عام 2023.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، فبعدما ظهر في الواجهة أن مسلسلا شارف على نهايته، يتبين أنه لم يكن سوى جزء أول من عملية اكتشف محللو CGI أن المعتقلين كانوا فقط جزءا من شبكة دولية تدعم داعش تم تأسيسها في ثلاث قارات.
وهنا تبين الداعي لانطلاق عملية شاملة مشتركة مع أجهزة الأمن والمخابرات ضمت اثنتي عشرة دولة في أوروبا والشرق الأوسط والمغرب الكبير.
إذن، وبعد تحقيق وصف بالمعقد، استغرق عامين ونصف، يتم الكشف عن شبكة جهادية تدعم داعش، وتتوفر على فروع في أفغانستان والشرق الأوسط والساحل والمغرب الكبير وأوروبا، يزعم أن أعضاءها ملتزمون بالحصول على اموال والمقابل ارتكاب جرائم في أوروبا من أجل تمويل أنشطتهم الإرهابية، إذ نقلوا مبالغ كبيرة من المال عبر الشحنات الدولية والعملات المشفرة، وقاموا بالاستيلاء على عملات مشفرة تقارب قيمتها 200 ألف أورو .
والأكثر، نشط بعض أعضاء الشبكة في تلقين أتباع جدد للعقيدة الجهادية، وتقديم الدعم لهم في حال إبداىهم الرغبة لتنفيذ هجمات إرهابية. وهاته الشبكة، كما أظهرت التحقيقات أن هذه الشبكة، كانت عازمة على المساعدة في التخطيط لهجومين على الأقل، قبل تحييدهما في النهاية ومن خلال إجراءات الأجهزة الأمنية.
لقد أسفر انتهاء التحقيق حاليا في إسبانيا عن اعتقال خمسة أشخاص، واحد كان قد أظهر في الأسابيع الأخيرة، رغبته في تنفيذ هجوم، نتيجة تعرضه لتطرف قوي في الأشهر الأخيرة، وهو مادعا للتعجيل بتنفيذ هذه العملية. وتم العثور، أثناء تفتيش منزله، على ذخيرة بندقية صغيرة وفأس، وتمت أيضا مصادرة أدلة لصنع المتفجرات بالإضافة إلى كتيبات لتعليم القاصرين والدعاية الجهادية من المعتقلين.
العملية هاته، شملت تفكيك جزء من البنية التحتية وقنوات الدعم لداعش المنتشرة في أوروبا والشرق الأوسط والمغرب الكبير ، فضلا عن دعم أتباع جدد في رغباتهم الجهادية.
بلغت حصيلة العمليات حتى الآن هذا العام لدى مفوضية المعلومات العامة الإسبانية 22 عملية، ألقي القبض خلالها على 54 جهادية مشتبها بهم، 36 منهم في تسع عمليات نفذت فقط خلال الشهرين الماضيين.
ومع إسدال الستار على هذه العملية، تلوح وبوضوح أهمية التعاون الدولي في تحييد التهديد.