رهان تأهيل وإصلاح قطاع الصحة بالمغرب بين الاختلالات المطروحة والفرص الممكنة..
الرباط-ماروك يونيفرسال -متابعة
كشفت استجابة المغرب لأزمة كوفيد 19 عن القدرة الهائلة للدولة على تطبيق إجراءات الإغلاق الحاسمة حيث استطاعت حشد قوات الأمن وموارد قطاع الصحة العمومية والدعم المالي للتخفيف من تأثير انتشار الفيروس على المدى القصير.
غير أنه في مقابل ذلك عرت على حقيقة واضحة مفادها إن نظام الرعاية الصحية في البلد مازال يعاني من نقاط ضعف مزمنة إضافة إلى انعدام ثقة المواطنين في جودة الخدمات الصحية المقدمة واعتبارها جد منخفضة.
ويمثل قطاع الرعاية الصحية أحد القطاعات التي تؤثر سلبا على ترتيب المغرب في مؤشر التنمية البشرية، ذلك أن جودة الرعاية الصحية في المغرب تظل منخفضة بوجه عام كما أن هناك نقصا كبيرا في عدد العاملين في القطاع الصحي.
وبالرغم من ارتفاع معدل الإنفاق على القطاع الصحي بشكل مضطرد إلا أن الإنفاق على الصحة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ما زال منخفضا انخفاضا نسبيا وفقا لبيانات كشف عنها البنك الدولي أعقاب السنة المنصرمة.
ويسجل ذات القطاع مظاهر صارخة لعدم المساواة في الولوج لخدمات الرعاية الصحية عالية الجودة، فهناك فجوة نوعية بين نظام الرعاية الصحية في القطاعين الخاص والعام إضافة إلى أن هناك تفاوتات جهوية في الولوج إلى الخدمات الصحية تميز بين ساكنة المناطق الحضرية ونظيرتها في المناطق القروية
ارتباطا بذلك فإن معدلات وفيات الأمهات والرضع في المغرب يصنف من بين الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلا عن النقص الكبير الذي يعرفه القطاع في عدد العاملين وعدم وجود عدد كاف من الأسرّة في المستشفيات العمومية.
في ذات السياق فإن العرض الطبي يعد دون مستوى الحاجيات بالنسبة لبعض الأمراض مثل السكري والسرطان والقصور الكلوي، والأمراض النفسية، وأمراض القلب والشرايين، وهو الأمر الذي بدأ يظهر بحدة كبيرة لدى الأشخاص المسنين. إلى جانب التزايد القوي في عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس السيدا، رغم خضوعهم للعلاج.
في مقابل ذلك وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري الوطني، وإعادة هيكلة المنظومة الصحية الوطنية، والتي تشكل دعامة أساسية لضمان التنزيل السليم لورش تعميم الحماية الاجتماعية.
بناء عليه ينفذ المغرب حاليا واحدا من أكثر إصلاحات النظام الصحي طموحا وشمولا في العالم، مما يدل على التزامه ببناء رأس المال البشري. وستؤدي عملية الإصلاح إلى تحسين النتائج الصحية، وتقديم خدمات صحية عالية الجودة، من خلال تحسين الاستجابة على جميع مستويات النظام الصحي.
كما سيخول نظام التغطية الصحية الإجبارية وورش الحماية الصحية تحصين الفئات الهشة لاسيما في سياق ما أصبح يعرفه العالم من تقلبات اقتصادية ومخاطر صحية. فضلا عن تعزيز العرض الصحي بالدعم الموجه للاستثمار في البنى التحتية، عبر تدشين مراكز صحية جديدة من بينها افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة. كما يتجه القطاع نحو الرقمنة عبر تطوير نظام معلوماتي صحي مندمج .
إن مجموع الاختلالات التي يتخبط فيها قطاع الصحة من نقائص على جميع المستويات بالإضافة إلى الفساد والمحسوبية التي تتفشى في جميع القطاعات تضعه أمام خيار وحيد وهو ضرورة تحسين جودة الرعاية الصحية ليس فقط من خلال الاستخدام الأمثل للموارد مثل رأس المال البشري فقط بل عن طريق تحسين إدارة الموارد البشرية ولاسيما عن طريق تشجيع الشراكة والتعاون وليس الاعتماد على الموارد المالية فقط.
بالإضافة إلى تنفيذ برامج تعليمية وتدريبية موجهة للشباب لبدء العمل في قطاع الرعاية الصحية، وهو ما من شأنه أن يساعد في معالجة القضايا المنهجية المتصلة ببطالة الشباب وفي حل مشكل نقص الأطباء وطواقم التمريض في نظام الرعاية الصحية بالمغرب.
مع تبني سياسة تركز على التدبير الجهوي وإحداث المجموعات الصحية الترابية؛ ما سيمكن من إرساء حكامة ترتكز على خريطة جهوية صحية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، مع التوجه نحو مزيد من الاستثمار خاصة في تصنيع معدات الرعاية الصحية لما لاحظه المغرب مؤخرا في زمن كورونا افكار واختراعات لشباب مغاربة في هذا المجال.