يرتبط تاريخ 14 يناير، في ذاكرة المغاربة ولأول مرة وبشكل رسمي بالاحتفال الخاص برأس السنة الأمازيغية وهم في عطلة رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.
ويصنف هذا الاحتفال على أنه الاول من نوعه بعد أن جرى إقرار هذا اليوم كعطلة وطنية رسمية بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أصدر توجيهاته السامية إلى رئيس الحكومة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي السامي.
ويأتي هذا القرار، كما أكد بلاغ الديوان الملكي في وقت سابق من شهر ماي 2023 ترجمة للمكانة الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة، للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية”.
في هذا السياق يستمد هذا اليوم إلى جانب التوجيهات الملكية السامية شرعيته الدستورية، من الدستور باعتباره أسمى قانون في البلاد، حيث أقر المشرع الدستوري في الفصل الخامس من دستور المملكة على أنه “تظل العربية اللغة الرسمية للدولة وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها.
وينضاف إلى الإقرار الدستوري، السند القانوني المبني على الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأجدير سنة 2001، هذا القرار التاريخي صادقت الحكومة على مشروعي مرسومين يتعلق الأول بالمرسوم رقم 2.23.1000 بتغيير 16 2.04.426 وتتميم المرسوم رقم بتاريخ من ذي القعدة 1425 الموافق ل29 جنبر 2004 بتحديد لائحة أيام الأعياد المؤداة عنها الأجور في المقاولات الصناعية والتجارية والمهن الحرة.
فيما يتعلق الثاني بمشروع المرسوم رقم 2.23.688 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.77.169 بتاريخ 9 ربيع الأول 1397الموافق ل 28 فبراير 1977 بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة في الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والمصالح ذات الامتياز.
وتأسيسا على هذه المصادقة تم اعتماد 14 يناير ، عيدا رسميا مؤداة عنه الأجور تخليدا لرأس السنة الأمازيغية، وذلك تنزيلا للتعليمات الملكية السامية بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في المغرب مؤدى عنها.
إن هذا الإقرار يحمل في عمقه دفعة قوية لمسلسل تعزيز الفعل الأمازيغي الوطني، لاسيما على المستويات الثقافية، وهي خطوة تأتي في سياق رفع التحديات التي طرحت على مستوى دعم الثقافة الأمازيغية في المغرب، وتعزيز مكانتها في جميع المجالات من خلال التطبيق الأمثل لنص الدستور، كما تروم هذه الخطوة صيانة التنوع الثقافي الوطني وتعزيز ما تحقق من مكتسبات متعلقة بالأمازيغية.
ويكتسي الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يندرج ضمن مداخل التنمية الشاملة رمزية دالة على تجذر وتنوع النسيج الثقافي للمغاربة، ويؤشر على الرغبة في المضي قدما على طريق التفعيل الحقيقي للطابع الرسمي للأمازيغية. كما يتعلق الأمر بإجابة عملية على تطلعات المجتمع المغربي في سياق النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وإدماج الأمازيغية في التعليم والادارة.
بدورها انخرطت الحكومة في تفعيل ورش الطابع الرسمي للأمازيغية، حيث ذهبت السلطة التنفيذية نحول العمل على تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية وإدماجها بمختلف مجالات الحياة العامة.
بالنظر إلى هذه السيرورة فإن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يحمل في طياته تجليا بارزا للجهود المبذولة لترسيخ الاهتمام المتزايد بالثقافة والتراث الأمازيغيين، وتجسيدا للعناية السامية التي يوليها جلالة الملك لهذا المكون الأساسي للهوية المغربية. كما يعتبر أحد تجليات الحرص الملكي السامي على تثبيت الثقافة الأمازيغية في العديد من المجالات.