اعتماد الاجتهاد الفقهي في المغرب لملاءمة مضامين مدونة الأسرة مع المستجدات الحقوقية والقيم الكونية .. والمجموعة الدولية في حاجة للتفكير في أنجع السبل لإعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان( الرسالة الملكية)
الرباط/ ماروك يونيفرسال/ متابعة
بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وجه الملك محمد السادس، اليوم الخميس، رسالة إلى المشاركين في المناظرة الدولية التي عقدت بالرباط بهذه المناسبة، حيث أبرز جلالة الملك، أن المغرب سيعتمد الاجتهاد الفقهي لملاءمة مضامين مدونة الأسرة مع المستجدات الحقوقية والقيم الكونية، منبها جلالته أيضا المجموعة الدولية إلى ضرورة العمل على التنزيل الكامل لمقتضيات الإعلان.
الرسالة التي تلتها آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تضمنت الحديث عن كون الأهمية التي تكتسيها المناظرة هي نتيجة للحاجة الملحة للتذكير بضرورة تجديد التزام كوني لحماية حقوق الأفراد والجماعات، خاصة الفئات ذات الأوضاع الهشة، ولاسيما في إطار ما يعرفه العالم من توترات متتابعة، وانتهاكات متكررة، تتعارض مع المبادئ والقيم المثلى التي يتأسس عليها الإعلان.
الاحتفاء بهذه الذكرى، هو أيضا، كما قال الملك، مناسبة للوقوف على الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال، وكذلك على مواضع التقصير والخلل التي طالت مسيرة الدفاع عن مكتسباته، ولرصد التحديات التي تستمر في اعتراض سبيل المجتمع الدولي من أجل النهوض الكامل بكل قضايا حقوق الإنسان.
وأضاف جلالة الملك أن المغرب، في ظل هذه التحديات، اختار مسارا حقيقيا خاصا به يسلكه، مسارا عاش تطورا ملحوظا ومايزال، بصم التجارب الدولية في هذا الميدان.
التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان وطنيا، كما جاء في الرسالة الملكية، أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الاستراتيجية، الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والبيئية، ولم يتوقف فقط عند تكريسها الدستوري.
وقال العاهل المغربي ” إن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لايعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خيارا إراديا وسياديا، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان”.
ونبه جلالته، إلى ضرورة إدراك أن أخذ الحقوق السياسية والمدنية لأبعادها الملموسة، لايتم إلا بتكاملها مع النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، حيث إن المنجزات في مجال حقوق الإنسان التي تم تحقيقها، وماهو وفي طريق الاستكمال، يتطلب المزيد من الالتزام لتحقيق الملح حالا، واستشراف الممكن مستقبلا، في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية، كما جاء في الرسالة الملكية.
لقد دشن المغرب، من هذا المنطلق، منذ فترة، مرحلة جديدة من الإصلاحات البنيوية، والتي يرى العاهل المغربي أن تكون على رأس أولويات السياسات العمومية، نظرا لكونها مشروعا مجتمعيا يضمن الولوج للخدمات الاجتماعية والصحية بشكل فعلي، ويقوي دعامات المنظومة التضامنية الوطنية، وهذا على غرار ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة.
مراجعة مدونة الأسرة محور كان حاضرا في الرسالة الملكية، حيث تحدث جلالته عن دعوته لإجراء مشاورات واسعة من أجل هاته المراجعة، وذلك بعد مرور عقدين من الزمن على إقرارها، بشكل يصون حقوق المرأة والطفل، ويضمن مصلحة الأسرة التي هي نواة المجتمع. كل هذا، انطلاقا من قيم ومبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، والتي مصدرها الدين الإسلامي الحنيف، مع إعمال آلية الاجتهاد البناء، لتحقيق الملاءمة مع المستجدات الحقوقية، ومع القيم الكونية ذات الصلة.
وشدد جلالة الملك على أهمية المساهمة الفعلية لدول الجنوب من أجل إيجاد حلول للتحديات الراهنة العابرة للحدود، حيث مساهمة هذه الدول في بلورة تصورات تمكن من إعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ولفت جلالته، في الرسالة الملكية، انتباه المشاركين في المناظرة، للاحتفال بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي خضم التوترات والمخاطر التي تستهدف أمن واستقرار ورخاء الشعوب، أنها مناسبة للانتباه لكون المجموعة الدولية لم تحقق بعد نجاحا في ضمان تنزيل كافة مبادئ هذا الإعلان، والحاجة تتطلب الاستمرار في التفكير في السبل الناجعة الكفيلة بإعمالها.