بوساطة قطرية الجزائر ومالي يتجاوزان أزمتهما الدبلوماسية الأخيرة..
الرباط-ماروك يونيفرسال -متابعة

على إثر الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين الجزائر ومالي؛ والتي تمخض عنها استدعاء هذه الأخيرة السفير الجزائري لدى باماكو في 20 دجنبر 2023 احتجاجاً على ما وصفته تدخلاً جزائريّاً في الشأن الداخلي المالي عقب استضافة مسؤولين جزائريين لقادة بعض الحركات المسلحة المناهضة للنظام العسكري الجديد في شمال مالي؛ وذلك قبل أن تستدعي الجزائر هي الأخرى السفير المالي لديها للرد على الاتهامات المالية.
أفادت جريدة” “مغرب-أنتلجنس” بحسب مصادر لها عن عودة السفير الجزائري إلى باماكو في 5 يناير، فيما من المقرر حسب ذلت الجريدة أن يعود سفير مالي بالجزائر إلى سفارة بلاده مطلع الأسبوع الجاري.
وتأتي هذه الخطوة عبر وساطة قطرية ، حيث ربطت اتصالات مع السلطات المالية لاقتراح تعزيز العلاقات الثنائية وإقامة مشاريع استثمارية لصالح التنمية المحلية في مالي.
وبحسب مصادر دبلوماسية جزائرية، فإن تدخل الدوحة كان له الوقع الإيجابي على العلاقة بين البلدين؛ حيث ساهمت في خفض حدة التوتر وتقليص فجوة عدم التفاهم بين الجزائر وباماكو.
ووفق ذات المصدر، فإن قطر تدخلت في هذه العملية بناء على أهداف غير معلنة تجلت في عدم رغبتها في البقاء في وضع المتفرج على انهيار النفوذ الجزائري في منطقة الساحل لأن ذلك يخدم بشكل مباشر دولة الإمارات العربية المتحدة وهذا يتعارض ومصلحتها ذلك أن الإمارات تظل المنافس الجيو-سياسي الرئيسي لقطر والذي يتزايد نفوذه بشكل متزايد في القارة الإفريقية.
بناء على هذه الفرضية، يجب أن يظل تواجد الجزائر قائما باعتبارها حاجزا يمكن أن يبطئ اختراق اللوبي الإماراتي في منطقة الساحل. ولهذا السبب، سارعت قطر إلى الاتصال بالقادة الماليين من أجل مصالحة سريعة مع الجزائر.
هذا ويسجل أن التدخل القطري ظهرت الإشارات الأولي مع الزيارة التي قام بها إلى قطر في 7 يناير 2024 وزير الخارجية والتعاون الدولي المالي عبد الله ديوب؛ والذي وجد في استقباله عبد الرحمان بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، وقد استأثر موضوع التوترات التي هزت منطقة الساحل بأكملها منذ نهاية عام 2023 بمعظم النقاش الذي خاضه الطرفان.
وبالحديث عن التوتر فإن العلاقة بين الطرفان الجزائري والمالي قد شابها خلال الفترة الماضية؛ بعض الإشارات حول هذه القطيعة؛ وذلك منذ انتقاد الجزائر القرار المالي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا، إضافة إلى اتهامات أوساط جزائرية للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي بالدكتاتورية.
بينما أشارت تقارير إعلامية في ذلك الوقت إلى انتشار وثيقة مزيفة منسوبة إلى الجزائر حول الوضع في مالي، قبل أن تنفي السلطات الجزائرية صلتها بهذه الوثيقة، فيما أبدت الجزائر قلقها بشأن انتشار قوات فاجنر الروسية في مالي التي تعتبرها بمنزلة فناء خلفي استراتيجي وجزء من الأمن القومي الجزائري، وهو ما أدى إلى تفجر الوضع على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، وسط مخاوف بتصعيد التوتر بينهما خلال الفترة المقبلة.
في مقابل ذلك فإنه منذ بداية الأزمة كان السيناريو الأبرز هو أن يتجاوز الطرفان الجزائري والمالي الأزمة، وذلك في ضوء حاجة كل طرف إلى الآخر في إطار سياق إقليمي مضطرب ومعقد أمنيّاً وسياسيّا.
تأسيسا على هذا الطرح فإن الجزائر لن ترغب في تلاشي نفوذها القوي في مالي الذي يمثل بوابة لتنامي نفوذها في منطقة الساحل، بينما في مقابل ذلك يدرك نظام باماكو حاجته إلى الجانب الجزائري، سواء في المسار التفاوضي مع الحركات المتمردة، أو في مسار المواجهة العسكرية لضمان عدم إيواء الجزائر عناصر تلك الحركات.
بناء عليه فإن المكاسب الاستراتيجية من تقارب الطرفين تفوق بكثير حالة التوتر أو القطيعة التي كان من المرجح أن يتورطان فيها خلال هذه الفترة على المستويين الثنائي والإقليمي.