تخوض السلطات الإسبانية عملية بحث مكثفة عن مغربي يدعى عبد الرحمن الطاهري، المدان سابقا في قضية تتعلق بمحاولة تفجير المحكمة الوطنية في مدريد، والمطلوب للقضاء حاليا بتهم تتعلق بالتطرف والإرهاب، استنادا إلى محاولته تأسيس فرع لتنظيم “داعش” داخل السجون الإسبانية، هذا وتشتبه السلطات الإسبانية بوجوده حاليا في المغرب بعد محاولاتها الفاشلة في تحديد مكانه بفرنسا.
وبناء عليه؛ فقد قامت المحكمة الوطنية الإسبانية بإصدار أمر لجهاز الشرطة بغية التحقق من المعلومات التي تفيد بتواجد المسمى الطاهري، الشهير بـ”محمد أشرف”، في بلده الأم المغرب.
وأضافت صحيفة “إل إسبانيول” في هذا الاتجاه، أن هذا البحث يأتي في سياق خطوة إعادة محاكمته في قضية تتعلق بقيادة ما يصطلح عليه “جبهة السجن الجهادية”، وهي الخلية التي يُشتبه في أنه أسسها خلال المدة التي كان يقضيها في أحد السجون بالعاصمة مدريد تحت تهمة محاولة تفجير مقر المحكمة.
جدير بالذكر أن السلوك التطرفي للطاهري كان السبب في تنفيذ حكم قضائي في حقه ب 14 سنة نافذة سنة 2008، وذلك بعد ثبوت تورطه في التخطيط لتفجير المحكمة الوطنية بالمتفجرات من طرف القضاء الإسباني، غير أن الجاني لم يمتثل للقرار و واجهه بالفرار من إسبانيا أواخر سنة 2002، ليظل بذلك مطاردا إلى غاية أكتوبر من سنة 2005، قبل أن تسلمه السلطات السويسرية التي ألقت عليه القبض داخل أراضيها.
ليقضي بذلك عقوبته بسجن “إستريميرا” في مدريد، وهي نفس المدة التي اكتشفت فيها السلطات الإسبانية محاولاته الهادفة لتأسيس خلية موالية لتنظيم “داعش”، يقودها هو و3 أشخاص آخرين، أسماؤهم على التوالي : محمد الغربي وكريم عبد السلام محمد وعبد الله عبد السلام أحمد.
للإشارة فإنه تمت محاكمة هؤلاء الأشخاص وتبرئتهم بالفعل مرتين، غير أن مكتب المدعي العام طعن في الحكمين، وبناء على ذلك سيكونون أمام حتمية إعادة محاكمتهم.
وقد أسس المدعي العام طعنه هذا على أدلة تمثلت في مضمون رسائل تثني على نشاط تنظيم “داعش”، وإلى كونها تتضمن أعلاما لهذا الأخير، إلى جانب ترحيبها بـ”الانتصارات الميدانية” لمقاتلي التنظيم في سوريا، مصحوبة بآيات وعبارات تشجع على القيام بأعمال جهادية، وهو ما اعتبرته المحكمة الوطنية كافيا لإعادة المحاكمة مرة ثالثة، رغم استناد الحكمين السابقين على عدم كفاية الأدلة.
إلا أنه ومباشرة بعد مغادرة الطاهري السجن اختفى عن الأنظار في إسبانيا، مما دفع السلطات الإسبانية إلى الاعتقاد أنه توجه إلى فرنسا، وهو ما أكده تواصلها مع السلطات الفرنسية من أجل تسليمه قصد إعادة محاكته، غير أن جهود الشرطة الفرنسية لم تفضي إلى اعتقاله، وبالتالي توجه نظيرتها الإسبانية للاعتقاد أنه يتواجد بالمغرب.
وكنتيجة لهذه المطاردة التي استغرقت عدة أشهر منذ قبول الطعن في يونيو المنصرم دون أن تفضي لنتيجة ما، طلبت الشرطة الإسبانية من نظيرتها المغربية التعاون معها للعثور على الطاهري، وهو الأمر الذي لا يبدو سهلا بالنظر إلى ضعف المعلومات أمام خبرة المبحوث عنه في الاختباء والتي اتضحت من خلال المدة التي قضاها في سويسرا، غير أن هذا لا يمكن أن يلغي حنكة الأجهزة الأمنية المغربية وصيتها القوي في هذا النوع من القضايا باعتباره شريك استخباراتي قوي على المستوى الإقليمي.