الرئيسيةملفات و حوارات
أخر الأخبار

الدبلوماسية المغربية تودع سنة 2023 بحصيلة مشرفة تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس

الرباط -ماروك يونيفرسال-متابعة

طبعت الدبلوماسية المغربية على حضور قوي سنة 2023 في محيطها الإقليمي وكذا الدولي عبر تحقيق نجاحات مهمة وذلك تجسيدا للرؤية الملكية ذات الدينامية المتجددة والنهج الدبلوماسي المبني على شراكات استراتيجية متعددة الأبعاد بين المغرب ومحيطه.


وتعكس الحصيلة النموذجية التي حققتها المملكة في شغل المناصب الشاغرة بمجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية المكانة التي بصم عليها المغرب خلال هذه السنة ضمن المنتظم الدولي.


وارتباطا بذلك فقد سجلت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المملكة ظفرت بما مجموعه 46 ترشحا لشغل مناصب شاغرة داخل هذه المنظمات، والتي بلغ عددها 30 منظمة دولية متنوعة الاختصاصات والأدوار، وكمثال لذلك؛ تقلد المغرب منصب نائب رئيس الدورة ال78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، و منصب عضو لجنة القضاء على التمييز العنصري، و إعادة انتخابه في اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين، وكذا اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان فضلا عن مناصب مسؤولية مهمة داخل منظماته الإقليمية، لاسيما داخل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والفرنكوفونية، إلى جانب تسجيل حضوره ضمن منظمات تهم الشأن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أيضا.


وعلى المستوى الأمني فقد ضاعف المغرب خلال هذه السنة إجراءاته الرامية إلى الحفاظ على الوحدة والتضامن، من خلال الوضوح والموضوعية والحياد وتبني مقاربات شاملة ومندمجة ومتعددة الأبعاد، تقوم على ثلاثية السلم والأمن والتنمية، واضعا بذلك المصلحة المشتركة ضمن صلب اهتماماته، تنفيذا لسياسته الخارجية الرامية إلى إعطاء دينامية جديدة لعمل مجلس السلم والأمن كآلية للإنذار المبكر والدبلوماسية الوقائية وتسوية الأزمات.
في ذات السياق لم يتوانى المغرب عن الانكباب، وبشكل مستعجل على الانخراط في السياسات الدولية التي تتوخى التصدي لأي تعاون يهم العلاقات بين الإرهابيين وباقي الجماعات الإجرامية والانفصالية ومختلف الجماعات المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله.


وباعتباره مدافعا وشريكا قويا في مجال مكافحة الإرهاب؛ عمل المغرب خلال هذه السنة على تشاطر الممارسات الفضلى مع البلدان الشريكة فيما يخص المرونة المؤسساتية في المجلات الأمنية وكذا الاستراتيجيات والتكتيكات التي تستجيب للتهديدات الإرهابية المتغيرة عبر التقييم المستمر للإجراءات والتكنولوجيات والسياسات الموجهة لهذا الغرض، وهو ما نتج عنه رصد مجموعة من النشاطات المرتبطة بتحديد هياكل الجماعات المتطرفة وزعمائها، داخل وخارج التراب الوطني، كما ساهم في مرات عديدة في عمليات تحرير الرهائن وتفكيك مجموعة من العمليات الإرهابية بشكل استباقي.
وباعتبار المملكة أرضا للتسامح والسلام، ونموذجا لتدبير الحقل الديني القائم على إمارة المؤمنين بما لها من حمولة روحية ودينية تأسس لقيم الإسلام المعتدل، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات، فقد عرفت الدبلوماسية المغربية اشعاعا في بعدها الديني أيضا، حيث انتقل المغرب تدريجيا نحو استراتيجية دينية حيوية وطويلة الأمد مع عدد من بلدان القارة الإفريقية. وهو ما تعكسه الدينامية النشيطة لمؤسسة إمارة المؤمنين على الساحة الإفريقية كما تشير إلى ذلك الزيارات الملكية المتكررة التي قام بها الملك محمد السادس لإفريقيا، إلى جانب الدور الذي تلعبه كل من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومؤسسة محمد السادس لتكوين الائمة.


ودائما في إطار علاقة المغرب بمحيطه الإقليمي والدولي، وباعتباره عنصرا فاعلا ومؤثرا في كل التطورات السياسية في المنطقة، وله تأثير كبير على الصراع “الفلسطيني الإسرائيلي”، فقد حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس بصفته رئيسا للجنة القدس في كل مناسبة خلال الأحداث الأخيرة على الإفصاح عن رؤيته التي تعتبر السلام خيارا استراتيجيا لشعوب المنطقة، وهو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوبها وحمايتها من دوامة العنف والحروب. و مفتاحه حل الدولتين باعتباره الحل الواقعي الذي يتوافق عليه المجتمع الدولي، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر المسار التفاوضي.


وهو ما ترجمته الرباط بكل مقدراتها وإمكانياتها إذ لعبت دورا مهما جدا في ترسيخ الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في كل المنتديات وعبر كل المنصات الإقليمية والدولية، عبر مشاركته في شخص وزير الخارجية المغربي في كل المباحثات الخاصة بالمشاورات ذات الصلة بتدعيم وتكريس عدالة القضية الفلسطينية.


وبالعودة للقضية الوطنية ستقفل المملكة المغربية سنة أخرى من النجاحات الدبلوماسية والتراكمات السياسية في اتجاه الطي النهائي للنزاع المفتعل حول أقاليمها الجنوبية؛ فمن أمريكا إلى إفريقيا مرورا بأوروبا، حققت الرباط مجموعة من المكاسب والاعترافات التي أعادت الدول المعنية تأكيدها والتشبث بها على مرأى ومسمع المنتظم الدولي الذي بدأ يقف على حقيقة هذا النزاع والأطراف المتورطة فيه، في وقت بدأ فيه الصوت الانفصالي في الخفوت في ظل متغيرات إقليمية ودولية جعلت العديد من الدول تتحلى بواقعية سياسية وبجرأة دبلوماسية للخروج بموقف واضح لا لبس فيه حيال النزاع.


واستنادا إلى الانتصارات الكبرى التي حققتها المملكة دبلوماسيا وأمنيا وعسكريا، فإن السيناريو الوحيد المطروح أمامها هو افتتاح سنة 2024 بنفس هذا النهج التراكمي في تكريس المكتسبات في ظل عجز الأطراف الأخرى عن تطوير مواقفها.
ولعل أبرز حافز لهذا النهج المبادرة الدولية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس التي جاءت في الخطاب السامي الأخير بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، والرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وبالتالي تكريس فكرة انفتاح المغرب على شركائه.
وقد بدأت تتضح بوادر ترجمة هذه الأخيرة قبل نهاية السنة عبر الحدث الذي احتضنته مدينة مراكش أعقاب هذا الشهر والذي تضمن أشغال اجتماع وزاري للتنسيق بشأن هذه المبادرة الدولية التي من شأنها توفير إمكانات غير مسبوقة، وتقديم حلول مناسبة لتعزيز الاندماج والتعاون الإقليميين، والتحول الهيكلي لاقتصادات هذه الدول الشقيقة وتحسين الظروف المعيشية لساكنة دول الساحل والصحراء في إطار مقاربة مبتكرة ومندمجة لتعزيز استقرار وأمن المنطقة؛ والذي عرف مشاركة كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.


جدير بالذكر أن الإشعاع المغربي فيما يخص اللقاءات الدولية كنوع من الدبلوماسية المتجددة قد عرف أيضا احتضان مراكش أشغال الدورة السادسة من منتدى التعاون العربي الروسي. وهي النسخة التي ذهبت نحو البحث في قضايا التعاون بين روسيا والعالم العربي، وذلك وفقا للممارسات الجاري بها العمل.


بناء عليه فقد تعززت أهمية هذا المنتدى خلال السنوات الأخيرة كمنصة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن القضايا المختلفة على المستوى الإقليمي والدولي، أخذا في الاعتبار الاهتمامات والأولويات المشتركة التي تجمع الجانبين العربي والروسي في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية.


واحتضان هذا الحدث يصور أهمية المغرب وتموقعه ضمن المنتظم الدولي، وكذا انفتاحه الدائم على شركاء جدد من القارات الخمس بدون استثناء؛ وهي نفس الفكرة التي يرسمها وبشكل واضح استضافة المغرب لحدثين رياضيين بارزين دوليا وقاريا، هما كأس الأمم الإفريقية لسنة 2025 وكأس العالم لسنة 2030 في نسخة تشاركية تضم ثلاثة أطراف المغرب واسبانيا والبرتغال، لنخلص في الاخير لاستنتاج منطقي لا غبار عليه أن هذا الاختيار يعكس صورة المغرب في العالم، ليس فقط كدولة لديها نجاحات رياضية أو دبلوماسية متعددة الابعاد وذات انجازات كبرى، ولكن تتجاوز ذلك لكونه اعترافا بقدرتها على التموقع وحجز مكانة كبرى ضمن المنظم الدولي تخول له تنظيم تظاهرات كبرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى