في ظل الاحداث المستمرة التي يعرفها قطاع غزة وبالبحث عن السيناريوهات الممكنة لهذه الحرب التي طال أمدها ، وكذا التساؤل حول هل حققت اسرائيل أهدافها المعلنة خلال هذه الحرب أوضح الدكتور سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي الإنساني في حوار له أمس الأحد 7 يناير 2024 خص به برنامج المشهد السياسي على قناة ميدي 1 تيفي أنه “حتى الإسرائيليين أنفسهم يقرون بفشلهم في تحقيق الأهداف المعلنة سواء تعلق الأمر باستعادة الأسرى أو القضاء على المقاومة التي لازالت تقاوم كما فشلت أيضا في تهجير سكان غزة”.
وعلى المستوى الاستراتيجي يقول الدكتور أن “هناك فشل كبير لمخططات إسرائيل في بناء علاقات جديدة مع الدول العربية، وهذا ما يضعها في ورطة” مضيفا “أن المزاج العام في العالم ضد اسرائيل وبالتالي فهي تعيش ورطة استراتيجية حقيقية وكل ما حققته هو القتل والدمار لمدينة غزة “
في ذات السياق أبرز الدكتور الصديقي أنه “لا يمكن لأحد القول أن أهداف إسرائيل قد تحققت بحيث قوبلت بصمود تاريخي ليس فقط من قبل المقاومة بل من قبل أيضا المواطنين الغزيين العاديين الذين فضلوا الاستشهاد عوض الخروج من الأراضي الذي يعني عدم العودة “
في مقابل ذلك يضيف الدكتور الصديقي أن ” هذه الحرب تشكل نقطة تحول كبير في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وبالتالي فان صمودهم في غزة يعني أن إسرائيل لم تحقق الأهداف المعلنة والغير معلنة ذلك أن التهجير لم يكن معلنا في البداية لكن أثير بعد ذلك في التصريحات الإسرائيلية”
ويلفت ذات المتحدث النظر إلى أن ” كل ملاحظ موضوعي يقول أن إسرائيل حتى الان في ورطة ، وقد ورطت حتى حلفائها أبرزها الولايات المتحدة الامريكية”
وبشأن السيناريوهات الممكنة لهذه الحرب يقول الدكتور الصديقي أن “هناك غموض كبير في مسار هذه الحرب وهناك كلفة اقتصادية وأخلاقية وسياسية للإسرائيليين تقابلها كلفة بشرية تفوق التصور للفلسطينيين؛ لكن لا أمل يلوح الان في الأفق حول انتهائها ” ويعزي الدكتور هذا إلى كون ” تعنت حكومة نتنياهو الذي يربط مصيره الشخصي والسياسي بهذه الحرب وبحسب سيرورتها الحالية لن تقود إلى انتصار واضح لإسرائيل وهو ما يهيئ لنتنياهو أن تحقيقه يمكن أن يمنحه تزكية سياسية وهو ما يقود إسرائيل نحو تعميق مأزقها”.
وهو ما يفسر حسب ذات المتحدث أنه “في البداية أهداف إسرائيل كان يعرفها الجميع بعد ذلك كانت تحدث عن وجود عسكري لأمد طويل تراجع إلى وجود أمني فقط لينتقل الان للحديث عن توسيع المنطقة العازلة”
ويسجل الدكتور الصديقي أيضا “أن الوحدة التي كانت بين مكونات الحكومة الاسرائيلية كانت فقط بسبب طوفان الاقصى؛ أما الان بعد طول أمد الحرب والخسائر التي تتكبدها إسرائيل مرحليا واستراتيجيا جعلت الخلافات تظهر أكثر فأكثر ” مضيفا “هناك من السياسيين الإسرائيليين من لا يريد أن يخرج نتنياهو رابحا من هذه الحرب لأن ذلك سيترتب عنه تقديم له تزكية سياسية ليستمر في الحكم لمرحلة أطول”
في مقابل ذلك يوضح الدكتور أن “نتنياهو يراهن على المزاج الشعبي العام في اسرائيل الذي يدعمه في هذه الحرب لكن على مستوى النخبة وحتى العسكريين هناك خلافات كبيرة جدا إلى جانب الخلافات مع إدارة بايدن مما يجعل من الصعب لأحد أن يجزم سيناريو محدد لهذه الحرب”
وعن اغتيال قياديي حماس أوضح الدكتور الصديقي أنه “يبدو أن جميع الأطراف بما فيها تلك المساندة لإسرائيل لا تريد توسيع الحرب ذلك أن كلفتها ستكون عالية على جميع الدول المجاورة لفلسطين فالحرب إذا اتسعت سيكون من الصعب ايقافها “.
من الناحية الواقعية البرغماتية فبالنسبة لجميع الاطراف فهي تحاول أن لا يتسع نطاق الحرب سواء لبنان او دخول ايران بشكل مباشر أو العراق الخ” يقول الدكتور الصديقي، مضيفا ” لكن كما لم نتوقع طوفان الاقصى وحوادث أخرى يمكن لأي خطأ عسكري أو أمني أن يؤدي الى اندلاع الوضع وهذا ليس في صالح الدول المجاورة وحتى حلفاء اسرائيل”.
وبحسب الدكتور “فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت توجه اهتماما إلى شرق اسيا لتحاصر الصين وكانت منشغلة بأكرانيا ضد روسيا الان عادت الى مستنقع الشرق الاوسط وهي لا تريد التورط اكثر فجميع الأطراف على ما يبدو يحاولون الحفاظ على مبادئ الاشتباك في مستوى معين” غير أن يضيف الدكتور الصديقي ” التوقعات لا يمكن الحسم فيها ذلك أنه حتى النظريات التي تدرس حالة النزاع وتطورها وتوقع مالاتها فشلت في ذلك فحينما بدأ الرد الاسرائيلي لم نكن نتوقع ان يستمر ونحن الان في الشهر الرابع ولم نكن نتوقع أن يصل العدوان إلى هذه الدرجة”.
وأورد الدكتور الصديقي في الأخير إلى فرضية أن “كل السيناريوهات مفتوحة لكن من الناحية الواقعية والعقلانية والبرغماتية فإن جميع الأطراف تحاول أن تحافظ على مستوى معين من الاصطدام” كما يتابع بالقول “لعل الحكومة الاسرائيلية تستجيب لمطالب وقف النار تحت الضغط الدولي” .
ليخلص في الأخير إلى أن هناك تناقض بين الأهداف الشخصية لنتنياهو وبين المصالح العليا لإسرائيل وهذه هي الورطة الكبرى لإسرائيل، فبهذا كأنه يقودها لخسارة قد تكون تبعاتها في المستقبل كبيرة جدا”.