بوريطة يدعو في أشغال منتدى التعاون العربي- الروسي بمراكش إلى الرقي بالمنتدى بما يخدم مصالح الطرفين
مراكش /المنتدى العربي الروسي/ماروك يونيفرسال/نعيمة التباع
في كلمة افتتاحية، اليوم الأربعاء، وخلال ترؤسه أشغال الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي- الروسي المنعقدة بمراكش، دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى الرقي بمنتدى التعاون العربي- الروسي إلى مستوى حوار استراتيجي فعلي وفاعل، حيث قال “إننا نصبو إلى الرقي بهذا المنتدى إلى مستوى حوار استراتيجي عربي- روسي فعلي وفاعل، يكون فضاء حقيقيا للتنسيق، ولشراكة بناءة وعملية ومثمرة، تخدم بشكل متوازن مصالح الطرفين وتساهم في أمن واستقرار منطقتنا العربية “.
هذه الشراكة، يضيف الوزير، من المفروض بناؤها على الاحترام المتبادل، حتى تعلو بالمسؤولية المشتركة، كما يصفها بالتفرد في مضمونها مع الانفتاح في حكامتها، يحضر فيها التضامن والوفاء بالالتزامات كعنوان ومبدأ يميزانها.
والتوازن بين الحرص على المصالح السياسية والاقتصادية من جهة، وواقع الشركاء وإمكاناتهم وتطلعاتهم من جهة أخرى، سمة يؤكد الوزير على حضورها في هذه الشراكة.
ولذلك، يعرب بوريطة عن تطلعه لرسم خارطة طريق وفق تفكير جماعي من أجل شراكة ناجحة وفاعلة، تضع بعين الاعتبار الإطار المنظم للتعاون بين الجانبين، من أجل الانتقال من صيغة التداول السياسي بنمطه التقليدي إلى مرحلة الحوار الاستراتيجي، طبقا لرؤية استشرافية تراعي التطورات العالمية والإقليمية، وأيضا المصالح المشتركة للطرفين.
ويعتبر الانفتاح على هيئات وفاعلين اقتصاديين وثقافيين، عنصرا يتعين، حسب الوزير، مراعاته في هذه الشراكة، وذلك عبر إنشاء “منتدى اقتصادي وثقافي”، وعلى سبيل المثال منتدى التعاون الروسي-الإفريقي. وهذا من شأنه أن يعمل على تجاوز منطق الحوار الدبلوماسي الكلاسيكي، إلى أنماط تعاون مبتكرة وملموسة.
ويشدد بوريطة على نقطة مراجعة دورية اجتماعات المنتدى، والتي يتعين التفكير فيها، بشكل يتيح الإعداد الجيد لها، وهذا من شأنه ترك مايكفي من الوقت لتنفيذ خطة العمل المشتركة والتنسيق مع المتدخلين في الدول الأعضاء، وكذا الاستفادة من تجارب الشراكات الإقليمية بما فيها “المنتدى الروسي-الإسلامي”، و”منتدى التعاون الروسي-الإفريقي”.
وقد أشار الوزير، من جهة أخرى، إلى زمن انعقاد المنتدى والذي يتزامن مع استمرار موجة العنف المسلح على قطاع غزة، وما خلفته من ضحايا بالآلاف في صفوف المدنيين ومازالت، ومن تخريب و دمار وحصار شامل.
وهذا السياق، ذكر فيه بوريطة بدعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، وانطلاقا من التزام جلالته بالسلام، إلى التحرك الجماعي، كل واحد من موقعه، من أجل خفض التصعيد ووقف إطلاق النار بشكل دائم، وأيضا ضمان حماية المدنيين وإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية بكميات كافية لسكان غزة، والعمل على إرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.
ويضيف بوريطة أن جلالة الملك أكد مرارا، أنه ما من بديل عن سلام حقيقي في المنطقة يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إطار حل الدولتين وعن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، وما من بديل أيضا عن تقوية السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن.
أما فيما يتعلق بالأزمة المؤسساتية الليبية، فقد عبر بوريطة عن تطلعه لكي تكتمل فصول العملية السياسية في ليبيا، عن طريق تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المحدد، بواسطة الأشقاء الليبيين أنفسهم وبعيدا عن التأثيرات الخارجية، مامن شأنه أن يؤسس لبداية مرحلة جديدة في ليبيا، تستجيب لمتطلبات الشعب الليبي. كما أعرب الوزير عن الأمل في استقرار الأوضاع في العالم العربي على أساس تغليب الحوار وكذا المبادرات السلمية.
وعن روسيا، فإن الوزير يؤكد على أنها شريك قادر على لعب دور بناء في حل مجموعة من القضايا، انطلاقا من موقع روسيا الاتحادية في المنتظم الدولي، وعلاقاتها المتينة بالعالم العربي، وأيضا اطلاعها المعمق على واقعه.
وفي السياق ذاته، أشار الوزير إلى أن الوقت قد حان للتعامل مع العالم العربي، بنظرة مغايرة في التعامل مع قضاياه، ووفق مقاربة تستجيب لما يعرفه العالم والمنطقة العربية من تحديات راهنة، وبالتالي التعامل مع البلدان العربية كمنظومة متسقة، ذات وزن إقليمي ودولي.
ومن جهة أخرى، أبرز بوريطة رؤية المغرب لمنتدى التعاون العربي-الروسي، باعتباره امتدادا للعلاقات التاريخية القائمة بين المغرب وروسيا، والضاربة جذورها في القدم لما يفوق قرنين من الزمن، تميزت دوما بالحوار، والتعاون، والتقدير، والاحترام، مع التذكير بالقفزة النوعية التي عرفتها هذه العلاقات، إثر الزيارتين الرسميتين اللتين قام بهما جلالة الملك، لروسيا الاتحادية سنتي 2002 و2016، حيث توجت الزيارة الأخيرة لجلالته بتوقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية، والذي أرسى أسسا جديدة للعلاقات بين البلدين.
وعبر الوزير عن كون الرتبة التي تحتلها المملكة المغربية ضمن قائمة أهم خمسة شركاء تجاريين لروسيا في القارة الإفريقية، وهي الرتبة الثالثة، يعلق الوزير أنها تبقى “دون طموحنا ورغبتنا في الارتقاء بهذه الشراكة الاستراتيجية إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب”، مشيرا إلى كون انخراط المملكة في تقوية المنتدى العربي-الروسي والسير به قدما على جميع المستويات، يترجم رغبة المملكة في تطوير العلاقات متعددة الأبعاد التي تربطها بروسيا الاتحادية.
الاجتماع حضره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، والوفود الوزارية للدول العربية المشاركة.
وقد تم اختيار المغرب لاحتضان هذه الدورة خلال النسخة الماضية التي انعقدت بموسكو في أبريل 2019.
والنسخة الحالية يتم فيها بحث قضايا التعاون بين روسيا والعالم العربي وفقا للممارسات الجاري بها العمل.